تغيب كل الوجوه وتنساها الذاكرة إلا وجهك الوضاء يا قدس..
تتلألئين بخشوع كقمر الليل ليلة البدر..
تبتسمين بود رغم المعاناة والقهر..
يفوح من عبق الثرى طيب الأمل ومسك الصبر..
تعلمنا أشجار زيتونك دروس الصمود والإباء ..
ما هنتِ يا قدس.. ولا رخص التراب أو العشق..
تظلين أنتِ أنتِ في الفؤاد وما حوى..
ويظل أقصاك حبيب القلب وقبلة الهوى..
ونظل نمتطي إليك خيول الشوق ومطايا الوفاء كل وقت وحين.. في الصباح والمساء..
نُصبر النفس إلا أن الشوق فينا لا يعرف صبراً ولا تصبرا..
وتسبح الروح خلسة في فضاء الكون تنشد مرافئ القدس ومشارف الأقصى..
تطل من وراء البطاح تسمع نداء المآذن يصدح بالأذان..
وحي على الجهاد والفداء..
ترى في غياهب الظلمة بياض النصر يسطع من سيوف العز في حطين موقعة الإباء..
وصلاح الدين يتقدم فلول الجيش حاديه دعاء الليل يكسوه الرجاء..
والمسلمون يكبرون ( الله أكبر ) تطيح بجحفل الكفر وتورده الفناء..
هذي ملائكة السماء تذود عنهم.. تغشى الأحبة بالثبات تبتغي لهم حسن الجزاء...
والنصر تحمله لهم على جناح التضحيات معطراً بإكليل صدق الالتجاء..
ويفر جيش الكفر مغلوباً وقد تسربل بعار ذل الجبناء..
وصلاح دين الله يسجد خاشعاً شكراً لنصر الله يعلوه جلال وضياء..
والروح تنساب مع الذكرى تغوص في نشوى الفتوحات وموج النصر يحملها على أسطول عز العظماء..
ما أجمل الذكرى حين تأخذنا إلى مشارف القدس نصوغ لحن الروح حباً.. نسكب الروح فداء.