بعث الله سبحانه
وتعالى يونس عليه السلام إلى أهل نينوى من أرض الموصل، فدعاهم إلى عبادة
الله وحده لا شريك له، لكنهم كذبوا رسوله الكريم وتمردوا على دعوته،
وتمسكوا بكفرهم وعنادهم، فلما طال ذلك العناد، خرج عليه السلام من بين
أظهرهم، بعد أن وعدهم بحلول العذاب عليهم بعد ثلاثة أيام.
وهذا ما حدث بالفعل، فلقد خرج الرسول الكريم من بينهم وتحقق هؤلاء القوم من
صدق يونس عليه السلام، ومن نزول العذاب بهم فقذف الله في قلوبهم التوبة
والإنابة كما يقول الشيخ محمد المصري وندموا على ما كان منهم في حق نبيهم،
فتضرعوا إلى المولى عز وجل، وبكى الرجال والنساء والأطفال كما يقول ابن
كثير رحمه الله فكانت ساعة عظيمة هائلة، وعندئذ جاءت الرحمة الإلهية بحول
الله وقوته ورأفته، فكشف عنهم العذاب.
مرت الأيام الثلاثة التي وعد بها يونس عليه السلام قومه بالعذاب إن هم لم
يؤمنوا برسالته، وإذا به ينتظر وعد الله فيهم، وربما كان في هذه الأيام
الثلاثة بعيدا أو في معزل عنهم، لا يدري بأنهم آمنوا وتابوا إلى الله توبة
نصوحا، لهذا فوجئ بهم آمنين سالمين فغضب غضبا شديدا، ولأن جزاء الكاذب عند
قومه هو القتل الفوري، فقد اعتقد يونس عليه السلام أن قومه سيظنونه كاذبا،
ومن ثم يقتلونه ففر هاربا خشية أن يلقى مصيره المحتوم بالقتل.
مشقات الدعوة